هل نهاية اليوتيوب في العالم العربي ... قريبة ؟!

اليوتيوب .. من أشهر و أقدم المحاربين في مجال الفيديوهات ، لا يخفى عليك انه كان ذو قيمة شبه متدنية في سنوات خلت ، الا ان إشترته جوجل و قامت بتطويره و تسويقه أيضا بطريقة ذكية ، الشيئ الذي جعل اليوتيوب يتوفق و بشكل كبير و ملحوظ مقارنة مع أقرانه من المواقع التي تقدم نفس الخدمات .. لا يخفى عليك أيضا ، ان اليوتيوب في الوقت الراهن من المواقع الجد متفوقة ، فاليوتيوب لم يعد موقعا يقدم لك فيديوهات مضحكة او فيديوهات قطط و كلاب تتراقص هنا و هناك كما كان سابقا ، بل هو الآن موقع تسويقي بإمتياز لمحبي التسويق ، و موقع ربحي بإمتياز أيضا لمحبي الربح من الأنترنت ، و موقع مسلي كثيرا بالنسبة لمحبي التسلية و قتل الملل ، ناهيك على ان اليوتيوب أصبح الموقع الرقم 1 في ترويج الأغاني و الأفلام ، فأعتقد ان شركات الإنتاج قد قضت نحبها و اندحرت من عالم الواقع لتتعشش في اليوتيوب ... لكن ، من وجهة نظرنا نحن ، فاليوتيوب ستكون نهايته قريبا بالنسبة للعالم العربي ، في حين ان سهم تطلعاته قد كسر سقف النجاح في المجتمعات الغربية ، و سنعرف بإذن الله كل خيوط هذه المسألة .. 

- اليوتيوب .. في العالب الغربي : 

بالطبع يختلف إستعمال اليوتيوب من دولة لأخرى او من مجتمع الى أخر ، لن اتخصص لأشرح لك اليوتيوب و طرق إستخدامه في كل دولة ، بل سأكتفي بتقسيم العالم الى قسمين ، العربي ، و الغربي ، و سأبدأ بالمجتمع الغربي ... اذا ما كنت تتصفح مواقع أجنبية تتحدث عن اليوتيوب ، فستجد انهم يطلقون على اليوتيوب إسم (CatTube) اي مشاهدات القطط ، و ذلك لكون المجتمعات الغربية تحب حقا مشاهدة القطط ههه ، امر جميل ، هذه فقط بين قوسين ، فالمجتمعات الغربية تستعمل اليوتيوب في أشياء أخرى ، نذكر منها اولا مجال التعليم ، فتقريبا كل المؤسسات التعليمية في جميع المجالات قد نقلت مجالها الدراسي على اليوتيوب ،و ذلك من اجل توفير المادة التعليمية للتلاميذ في أي وقت و زمان ، و أصبحت المؤسسات الحقيقة ما هي الا اداة لإجراء الإمتحانات ، في المجال التقني ، فقد لجأت الكثير من المؤسسات التقنية ( مثل مايكروسوفت ، ابل ، اوراكل ) الى توسيع منتوجها بطريقة ذكية ، لنأخذ على سبيل المثال شركة JavaZone التي تقدم فيديوهات عبارة عن إعادة صياغة لبعض المشاهد من مسلاسلات عالمية ( Parody ) و لكن بطريقة ذكية جعلتها تساعد في توسيع لغة البرمجة الجافا .. كمثال لذلك : 


ليس هذا فقط ، بل هناك العديد من الفيديوهات التي تقوم بالتسويق لمنتجاتها بطرق ذكية . اما بالنسبة للتسلية ، فهناك العديد من القنوات على اليوتيوب التي تقدم مواضيع ترفيهية و في نفس الوقت مفيدة ، مثلا على سبيل المثال قناة WatchMojo على اليوتيوب التي تقدم من حين لأخر برنامجها الترفيهي الذي يقتبس موضوعا ما و يستطرحونه بأفكار مضحكة ، او قناة PiewDiPie الأكثر شهرة على اليوتيوب الذي يقدم فيديوهات مسلية و مضحكة . 
ببساطة ، هكذا ينحصر اليوتيوب في العالم الغربي ، عالم ربما قد يكون تافها في بعض الأحيان ، لكنهم لا يستغلون المستخدم او المشاهد كما يفعل العرب و كما سنشاهد في الفقرة الموالية . 


اليوتيوب ... في العالم العربي :



لا يمكنني ان انكر ان لليوتيوب " العربي " دوره في تكوين مجموعة من المفاهيم في عقلي حاليا ، لكن دعنا لا نتحدث عن الماضي ، فالماضي ماض اما الحاضر هو حديث الساعة ، دعني اقول لك من الجهة الأولى ، انه لا يوجد حاليا مستخدم عربي يتصفح اليوتيوب ليست له قناة على اليوتيوب ، اللهم البعيدون تماما عن هذا المجال ، اما محبي عالم الفيديهوات ، فلم يفلتو من مهارة الربح من هذا الموقع ، لا أنكر اننا كلنا نسعى وراء الربح من اليوتيوب ، كذلك الغرب ، لكن العرب قد بالغو كثيرا في هوسهم الربحي هذا ، فلم يعد هناك شيئ إسمه " فيديو " على اليوتيوب ، بل اصبح هناك " فيديوهات كاذبة " على اليوتيوب ، و كله بالطبع لإستغلال عقل ذلك المستخدم الضعيف الذي ذاب و هرم من ويلات الأكاذيب بين فيديوهات الفضائح و الفيديوهات التي تثير غرائز البعض من أجل جلب الزائر و الربح فوق ظهره . سنناقش و نعود لهذه الأمور في الفقرات القادمة . 


كيف يتعامل الزائر العربي مع اليوتيوب و كيف يتعامل صانع المحتوى العربي مع اليوتيوب ؟ 


دعونا نبدأ بالزائر العربي ، لا ألوم صانعي المحتوى على ما يقدمونه ، بل ألوم الزائر بالمركز الأول اولا على ما يفعلونه ، فالزائر العربي ، حسب العديد والعديد من الإحصائيات سواء إحصائيات جوجل او مواقع اخرى ، ان الزائر العربي او المتصفح العربي لليوتيوب ، لا يبحث عن شيئ " مفيد " ، اللهم إن كانت الإفادة هي صور المغنيين و أخبار المشاهير و فضائح الفنانين ، بيد هذا ، فالإفادة شبه منعدمة في العالم العربي ، ناهيك عن حب الفيديوهات البائسة التي لا تمث للمعلومات الواقعية بصلة ، و لا تحفز الزائر على البحث أكثر ، لا أنكر اننا أيضا من حين لأخر نبحث عن فيديوهات كوميدية او فيديوهات ترفه عنا قليلا ، لكننا لا نقضي جل اوقاتنا نستمع الى قصة حياة فنان ما ، ناهيك عن الفضائح و ما ادراك ما الفضائح ، قم بالدخول الى اليوتيوب ، و اكثب اي حرف من اللغة العربية في مربع البحث و شاهد أكثر الكلمات بحثا ، و الله ستصيبك دهشة ليست كغيرها دهشة . 
من وجهة نظر اخرى ، و كوني على سبيل المثال صاحب قناة و احب ان اربح بعض الدولارات من اليوتيوب ، فأولا سأقوم ببعض الإحصائيات لأعرف مدى توافق كلمات البحث و أكثرها بحثا ،حتى اعرف ان كان ما سأقدمه مناسبا للأخرين ، فسأجد ان وسيلتي الوحيدة لربح هذه الدولارات هي عبر إستغلال هذه الكلمات ، او ببساطة ، إستغلال الفضائح و التفاهة من أجل نقل فيديوهات متدنية التفكير لأقدم للزائر أكثر ما يبحث عنه و أربح عن ظهره ، اذن ، فجريمة التفاهة هذه هي تحالف بين كل من الزائر و الصانع المحتوى . 


بعيدا عن اليوتيوب .. هل سيشكل الفيسبوك تحديا لليوتيوب عربيا ؟ 



انا لست من عشاق اليوتيوب على كل الأحوال سواء كزائر او كصانع محتوى ، فقد إبتعدت عن اليوتيوب سنوات خلت ، لكني رغم ذلك لازلت استكشفه و ادرسه من حين لآخر ، لا يخفى عليك ان الفيسبوك ايضا تريد نصيبها من اليوتيوب ، فقط طورت مؤخرا مهارة الفيديوهات و كيف ان الفيديوهات في الفيسبوك اصبحت تظهر للأخرين بشكل أكبر و أفضل من المنشورات الأخرى ، و ذلك كون الفيسبوك تريد منافسة اليوتيوب في هذا المجال ، الشيئ الذي تقبله العرب بكل صدر رحب ، و لم يلتفتو لليوتيوب ، كون ان نشر الفيديوهات على الفيسبوك و الذي سيصل للكثير من الأشخاص أهم من نشره على اليوتيوب و جني بقشيشين من لا شيئ ، فقد فضلو الزوار و اللايكات للصفحات على البقشيش البسيط ، و يبدو انه تفكير صائب ، الشيئ الذي عاد بنا الى نقطة بداية العرب مع اليوتيوب ، و الذي سيطرح سؤالا جديدا ، هل لازلنا سنشهد اليوتيوب مجددا في العالم العربي ؟ ربما ، فالعديد من البرامج التلفزية اصبحت تعتمد على اليوتيوب وتربح منه أفضل من الربح من خلال التلفاز ، و لا ننسى المغنيين و الفنانين الذي إعتمدو على اليوتيوب كمنتج و موزع رئيسي لما يقدمونه ، اتحدث معك بلغة الفنانين لأن هذا هو اليوتيوب العربي في جميع الأحوال ، و لا أحد يمكنه ان ينكر ذلك . 


كيف يتعامل اليوتيوب مع العرب ؟ 


اليوتيوب بدوره لم يعد يطيق العرب ، فقد قدم المستحيل ليتخلص من اليوتيوب عربيا - من ناحية تحقيق الدخل و صناعة المحتوى و ليس من ناحية الزوار - ، فقد أصبح يقدم صعوبات و صعوبات كثيرة من أجل الحصول اولا على حسابات ادسنس تسمح لك بالربح من اليوتيوب ،ليس لأن اليوتيوب او ادسنس لا تريد ان تعطيك ذلك الحساب ، بل لأنها تريد تصعيب الأمر اكثر لتنقص عليها صناع المحتوى الزائفين ، لذلك ، فاليوتيوب يدرس ان امكانية التخلي عن صناع المحتوى العرب و إستغلال الزائرين العرب  بدل تقديم لهم إمكانية صناعة محتوى جديد على اليوتيوب ، امر أشبه بالمثالية بالنسبة لليوتيوب في موقعها ، و أعتقد انه ليس ببعيد أن تطمع اليوتيوب في فرض قرارها هذا . 


اليوتيوب العربي ... مستقبلا ؟ 



حسب توقعي ، لا أرى مستقبلا زاهرا للعرب مع اليوتيوب ، فجلهم اما سينحدرون الى الفيسبوك او مواقع اخرى للفيدوهات مثل DailyMotion او Vimeo ، الشيئ الذي أتوقعه أيضا ان اليوتيوب سيصير مهزلة صراع بين فنانين و مشاهير ارادو ركوب ظهر الشهرة بناءا على اليوتيوب ، ببساطة ، اليوتيوب لن يكون كما كان ، رغم انه يقدم ميزة الدفع و الربح منه ، الا ان الكثيرين - او بالأحرى العاقلين - سيفضلون الخروج من ازمة التفاهة العربية على اليوتيوب و التنقل الى مجالات اخرى، ليس بعيدا ايضا ان نشهد قرارا من اليوتيوب لمنع الربح او تحقيق الدخل بالنسبة للعرب ، فهم يستغلون اليوتيوب للربح دون تقديم اي محتوى يفيد اليوتيوب من اي ناحية اخرى . 

أخيرا ... اليوتيوب من الناحية العربية ليس هو ذلك المجال الذي تأخذ فيه فيديوهات اخرى و تحاول إعادة رفعها مع تغيير بعض الشيئ في المونطاج من اجل الربح ، بل هو مجال تحاول إيصال فكرة معينة من خلال الفيديوهات .. الشيئ الذي لم يطمح له الا القليلون في عالم الفيديوهات .
By