oa_write_articles

في عالم النشر الرقمي المتعلق بالتقنية، هنالك الخبر التقني وهنالك المقالة التقنية، الخبر التقني يطلعك على جديد التقنية ويوصل لك جديد المنتجات وأخبار التطبيقات والبرامج، أما المقالة التقنية فهي المحتوى الذي يسلط الضوء على منتج أو برنامج أو يشرح جهازاً أو تطبيقاً متعلقاً بالتقنية، والفرق الجوهري بين الخبر التقني والمقالة التقنية هو في أن المقالة تكون عادة أكثر دسومة في المحتوى (أكبر حجماً) وأنها لا تهتم بكون الموضوع حديث أو قديم على عكس الخبر التقني الذي يواكب الجديد في الغالب.
المقالة التقنية هي محتوى غير منتهي الصلاحية ، فسواءً قرأته الآن أو بعد سنة فسوف تستفيد منه ، الفائدة تظل كامنة فيه في أغلب الأحوال، وبسبب تواجد محركات البحث ، فإن القُراء سوف يستمرون في الوصول إلى تلك المقالات كلما بحث أحدهم عن ذلك الموضوع ، وستظل الفائدة في انتشارٍ دائم.
مرحلة الصياغة وكتابة المقالة ليست المرحلة الأولى ولا الأخيرة ، فالمقالة ذات الجودة العالية تمر بعدة مراحل حتى تصل إلى مرحلة النشر الأخيرة ، قد تأخذ المقالة التقنية الجيدة وقتاً طويلاً لاستكمال مراحلها وتثبيت أركانها ، وقد يكون الأمر متبعاً ومرهقاً على كاتب المقالة لكن هذا هو السبيل إن أراد ان يساهم في تدعيم المحتوى العربي على شبكة الانترنت ، وإن أراد أن يترك بصمته التي ستبقى سنين طويلة يستفيد منها القادمون عبر قوقل أو محركات البحث الأخرى.

o_1بزوغ الفكرة

قد تخطر فكرة مقالة جديدة وانت تركب الباص اثناء ذهابك أو إيابك ، أو قد يبزغ ضوئها وأنت تتصفح فضاء الانترنت ، الفكرة تأتي إما من واقع استخدامك واحتكاكك ببعض الأشياء المتعلقة بالتقنية مثل الهواتف الذكية أو الحواسيب ومافيهما من برامج وتطبيقات، وقد تأتي وانت تقرأ مقالات اخرى او تتصفح بعض الأخبار الطازجة ، قد تأتي الفكرة من واقع مشكلة وصعوبة تواجهها في حياتك التقنية ، و قد تأتي بعد أن تقرأ معلومة جديدة أو تتعرف على تطبيق حديث ، المهم أن تدفق الأفكار ليس له وقت أو وضعية محددة ، لكن يجب ان تكون جاهزاً حين تصل الفكرة إلى عقلك بأن تسجلها مباشرة عبر أي وسيلة.
الأفكار كثيرة ، لكن هل جميع الأفكار تصلح لأن تكون مقالات متكاملة ، هذه هي المرحلة الثانوية التالية بعد اقتناص الفكرة ، فأنا مثلاً أمتلك الكثير من الأفكار الأولية في تطبيق الملاحظات الخاص بي في الهاتف ، أسجل في هذا التطبيق كل ما يخطر على بالي من أفكار لمقالات مستقبلية ، لكن ليست جميع هذه الأفكار تصلح كي تتحول إلى مقالات جيدة، فأحياناً بعد أن أفحص الفكرة في وقت أو يوم لاحق وأفكر فيها بعمق ، أجد أنها لا تصلح لأن تتحول إلى مقالة ، فأتخلى عنها أو أتركها لمراجعة اخرى مستقبلية.

o_2بناء الخلفية المعرفية

بعض المقالات تكون عميقة وتتطلب خلفية معرفية جيدة بالموضوع  لذلك فالخطوة التالية هي قراءة عدة مقالات دسمة (غير سطحية) لزيادة المعرفة أكثر بالموضوع من عدة جوانب ، هنالك مواقع متخصصة في جوانب معينة ، والمحتوى فيها مقدم من قبل خبراء متخصصون ، لكن لا يمنع هذا أن يتم البدء بقراءة بعض المحتوى من الموسوعة الحرة (الويكيبيديا) كمدخل إلى الموضوع، ومن ثم التعمق أكثر من مصادر أخرى تكون تابعة لجهات موثوقة كالجامعات أو كمواقع المختصين في تلك المجالات.
إذا كانت المقالة عبارة عن تحليل خدمة أو موقع أو تطبيق ، فالأفضل أن تجرب هذه الخدمة أو التطبيق بنفسك وتحاول أن تستكشف خباياها وخصائصها والمميزات والعيبوب التي فيها ، يفضل كذلك أن تقرأ ماذا قال الآخرون عن هذه الخدمة أو التطبيق. إذا كانت المقالة عبارة عن مقارنة وعرض للمصادر او مقارنة بين الأجهزة فيفضل ان تطلع وتتعرف على تلك المصادر أو الأجهزة بشكل جيد قبل كتابة المقالة.

o_3بناء الهيكلية

إذا كنت تنوي كتابة مقالة طويلة ودسمة فيجب أن يكون هنالك هيكلية معينة للمقالة، الهيكلية هي العناوين الرئيسية والفرعية وتقسيم المحتوى على جسم المقالة بشكل فعال ، يمكنك البدء بكتابة العناوين اولاً قبل البدء الفعلي بالكتابة كي تكون الصورة واضحة أمامك قبل البداية الفعلية في الكتابة.
إن بناء هيكلية واضحة قبل البدء العملي في كتابة المقالة يساعد الكاتب على توفير الوقت وعدم التخبط عند صياغة المحتوى، فأنت حين تبني الهيكلية تعرف أين تضع كل معلومة ، سيصبح الشكل العام للمقالة حاظراً في ذهنك، وحينها لن يكون مهماً من أي جزء تبدأ الكتابة ، قد تكتب الفقرة الأخيرة قبل الأولى لأن كل جزئية شبه مستقلة عن الجزئية الأخرى.
إن كاتبة مقالة ذات هيكلية جيدة يساعد القارئ على تحقيق أعلى استفادة من المحتوى ، لا يؤدي إلى التكرار الممل أو التشعب في تفاصيل قد لا تكون متصلة بموضوع المقالة ، كما أنه يساعد القارئ على مواصلة القرائة رغم طول المقالة ، لأن المقالة الطويلة إن لم تكن منظمة بشكل جيد ومصاغة بشكل احترافي قد يغادرها القراء قبل إكمال قرائتها بسبب طول حجمها ولأنها أصلاً لا تساعدهم عل المواصلة.

o_4صياغة المحتوى

بعد عبور المراحل السابقة ، وبعد أن تكون خلفيتك جيدة بالموضوع الذي ستكتب عنه ، تبدأ حينها مرحلة الصياغة ، كتابة المقالة ستكون وفق الهيكلية التي حددتها سابقاً ، وسيكون هنالك مقدمة للمقالة ، نعم فالمقدمة من الأمور المهمة لأي مقالة وخاصة المقالات الطويلة ، يفترض أن يكون هنالك تمهيد للموضوع الذي سيقرأه المستخدم، أن يكون هنالك مدخل للغير متخصصين ، ويفضل أن يتم ذكر بعض بعض المصادر الأولية التي تفيد المبتدئين في المجال من أجل ان يتمكنوا من استيعاب المقالة بشكل أفضل. الصياغة من الأمور المهمة وهو فن وموهبة توجد عن البعض وتقل عن البعض الآخر ، لكن يمكن اكتسابها بالممارسة وكثرة القراءة والتعود.
حاول تبسيط بعض المسائل ولا تتعامل مع جمهور القراء على أنهم في نفس المستوى ، فالمقالة سوف تُقرأ من قبل طيف واسع من الأشخاص ، فهنالك الكبير والصغير وهنالك المتخصص وعدم المتخصص ، لذلك تبسيط المسائل سيكون من الأمور المهمة ، وفي نفس الوقت لا تحاول اغراق المقالة بالتفاصيل المملة ، قم بالإشارة إلى بعض المصادر الأخرى التي تشرح بعض المسائل التي ليست من صلب موضوع المقالة.

o_5المراجعة واللمسات الأخيرة

لا تجعل الأخطاء الإملائية واللغوية تشوه جمال المقالة الجيدة ، لذلك يجب أن تقوم بمراجعة المقالة بعد كتابتها من جهتين ، جهة اللغة والإملاء وجهة الصياغة والتعبير، لأنك قد تقع في بعض الأخطاء التعبيرية أثناء كتابة المقالة ، وحتى مع عدم وجود أخطاء في الصياغة ، قد يكون استبدال بعض الجمل مكان جمل أخرى أمراً مفيداً لتوضيح المسائل أكثر وتجميل التعبير بشكل أفضل.
كلنا نقع في الأخطاء الإملائية بسبب السرعة في الكتابة ، لذلك فهذه المرحلة تقتضي أن يقوم الكاتب بقراءة المقالة من أول كلمة إلى آخر كلمة بدون استعجال ، لأن القارئ عندما يستعجل في القراءة يقوم بالقفز فوق بعض الأخطاء لأن العقل قد لا يلاحظها بسبب تعود العقل اللاواعي على شكل الكلمات.
المحتوى الجيد بحاجة إلى قالب جيد يوضع فيه ، عملية التنسيق قد تتم بصورتها الأولية في البداية ، لكن اللمسات الأخيرة مهمة من أجل إضافة بعض الجماليات على المحتوى ، نعم المحتوى هو المهم لكن قد يؤدي وضع المحتوى الجيد في قالب سيء إلى تنفير القارئ منذ النظرة الأولى وعدم قراءته للمقالة ، حاول أن تفصل بين الفقرات وان تضع الصور المناسبة في الأماكن المناسبة وأن تميز بعض الجمل أو الفقرات المهمة عن بقية النص وتستخدم خاصية الترقيم و….الخ
By